أهمية الاقتصاد السلوكي

أهمية الاقتصاد السلوكي للأفراد والمنظمات

ما هي أهمية الاقتصاد السلوكي ؟ إنّ معظم السلوك البشري يمكن تفسيره من خلال افتراض أن تفضيلاتنا محدّدة وعقلانيّة ومستقرة عبر الزمن، ولكن في تسعينات القرن الماضي ظهر علماء اقتصاديون قاموا بمخالفة هذا الافتراض وملاحظة الانحرافات في سلوك الناس.

 ومن هنا نشأ علم الاقتصاد السلوكي وهو علم جديد نسبياً يجمع بين الأفكار من علم النفس والحكم واتخاذ القرار والاقتصاد وذلك من أجل فهم أكثر دقة للسلوك البشري.

في هذا المقال سنقوم بتوضيح ما هي أهمية الاقتصاد السلوكي ؟

 ولماذا هو مهمّ في حياة الأفراد؟

وما أهميته بالنسبة للشركات والمنظمات؟

ما هو الاقتصاد السلوكي، وما أهميته بالنسبة للأفراد؟

ركز العالمان الاقتصاديان دانيال كانيمان وآموس تفيرسكي في بحث قاما به على عملية صنع القرار وقاموا بتحديد وتصنيف مجموعة من الاستدلالات والتحيّزات.

فالاستدلال هو قاعدة عامة نستخدمها غالباً لاتخاذ القرارات أيّ حين تواجهنا قرارات صعبة فإننا نركز على جانب واحد منها ونقوم بتجاهل الجوانب الأخرى.

على الرغم من عمل الاستدلالات الجيّد بالنسبة إلينا إلا أنها يمكن أن تؤدي أحياناً إلى أخطاء تسمى التحيّزات المعرفيّة.

حيث يميل الأفراد إلى الحكم على احتمالية الأحداث تِبعاً لسهولة التفكير في مثال عنها وهذا ما يُدعى باستدلال التوافر، على سبيل المثال، فإنّ الناس يخافون الطيران أكثر من قيادة السيارة على الرغم من أن احتمال الإصابة بحادث مروري هو أمر شائع أكثر من حوادث الطيران.

ونظراً لأنّ تحطّم الطائرات هو أمر غير شائع فهو جدير بالملاحظة ويتم ذكره في عناوين الصحف الرئيسيّة أما حوادث السيارات فهي عادية نظراً لكثرتها ونادراً ما يتمّ ذكرها.

وبالتالي فإنه وفي أذهاننا تعتبر حوادث تحطّم الطائرات أمرًا بارزًا لذلك يميل الأفراد إلى الشعور بالقلق عند الصعود على متن الطائرة أكثر من ركوبهم للسيارة.

ومن أعمال كانمان وتفيرسكي أيضاً ما يُدعى بنظرية الاحتمال وهي تتعلق بالقرارات التي يكون فيها مكاسب وخسائر ومخاطر، فالأفراد يخشون خسارة شيء أكثر بكثير من الحصول على شيء بنفس القيمة وهذا ما يجعلهم أكثر استعداداً لتحمّل المخاطر المتعلقة بهذه الخسائر.

كذلك فإنّ الأفراد يقدّرون قيمة الأشياء التي يمتلكونها أكثر مما تستحق وهذا ما يُدعى تأثير المنحة والذي ينتُج عن كره الأفراد بشكل عام للخسارة.

ثم جاء بعد ذلك الاقتصادي ريتشارد ثالر وطوّر نظريته في المحاسبة العقليّة والتي تشرح سبب معاملة الناس للمال بشكل مختلف اعتماداً على مصدره واستخدامه، على سبيل المثال، يأخذ الأفراد قرضاً لشراء تلفزيون جديد بدلاً من شرائه من النقود التي قاموا بتوفيرها للعطلة القادمة.

كذلك يميل الأفراد إلى الاعتماد بشكل كبير على الجزء الأول من المعلومات التي يتلقونها ويُدعى ذلك بالتحيّز الراسخ، فعلى سبيل المثال غالباً ما تتمّ المفاوضات في نطاق 5000-7000 يورو إذا كان العرض الأول المُقدّم هو 6000 يورو، لذلك فإنّ فهم مصطلحات الاقتصاد السلوكي بشكل جيّد يجعلنا مفاوضين أفضل.

في حياتنا اليوميّة بشكل عام نكون عرضة لاتخاذ قرارات سريعة قد نندم عليها لاحقاً كما أن التحيّز وخاصةً من خلال وسائل التسويق والإعلام قد تجعلنا عرضة للتلاعب، لذلك فإنه من المهم أن نكون مدركين للطرق التي تؤدي من خلالها القيود في عمليات التفكير لدينا إلى تشويه تصوّر السعر والقيمة.

اقرأ أيضًا: ما هو الاقتصاد السلوكي

أهمية الاقتصاد السلوكي في المنظمات

كتب ثالر بالاشتراك مع سانستاين كتاباً بعنوان Nudge “التنبيه” والذي أشارا فيه إلى وجود العديد من الفرص من أجل تحفيز سلوك الناس وحثّهم على إجراء تغييرات طفيفة لتحسين القرارات المتعلقة بالصحة والثروة والسعادة.

يمكن للتنبيهات أن تحلّ العديد من المشكلات التي تعتبرها الحكومات والشركات مهمة، على سبيل المثال أراد مديرو جنرال إلكتريك معالجة مشكلة التدخين التي تؤثر سلباً على الموظفين، حيث أجروا تجربة عشوائيّة، أخبروا مجموعة من الموظفين أنهم سيحصلون على مبلغ 250 دولار إذا توقفوا عن التدخين لمدّة ستة أشهر وسيحصلون على مبلغ 400 دولار إذا توقفوا عن التدخين لمدّة سنة، وأجبروا مجموعة من الموظفين عن الإقلاع عن التدخين من دون تقديم أيّ حوافز إضافيّة.

لاحظ الباحثون أن المجموعة الأولى قد نجحت بالتوقف عن التدخين بمعدل ثلاثة أضعاف المجموعة الثانية حتّى إنّهم استمروا بالتوقف عن التدخين لما بعد السنة.

وبناءً على هذه التجربة السابقة فقد غيّرت جنرال إلكتريك من سياساتها المتّبعة مع الموظفين وبدأت باستخدام هذا النهج على موظفيها الذين بلغ عددهم 152 ألف موظف آنذاك.

هناك بعض الشركات التي ترغب في تشجيع موظفيها على نمط الحياة الصحية (مثل غوغل وفيسبوك). 

جرت العادة في ماكدونالدز على سؤال العملاء إذا كانوا يريدون زيادة حجم طلبهم، وعادةً ما تكون الإجابة بنعم.

أجرت جانيت شوارتز بحثاً وجد أنه عندما سألوا رواد مطعم صيني عن رغبتهم في تقليل حجم الأطباق الجانبيّة كانت إجابتهم في الغالب بالموافقة، وكانت نتائج البحث أن نسبة 14% إلى 33% من العملاء تناولوا 200 سعرة حرارية أقل من المتوسط.

تساعد التنبيهات أيضاً في تقليل الكذب، على سبيل المثال قامت تجربة ميدانيّة بالتعاون مع شركة تأمين الطلب من العملاء بالتوقيع على الجزء العلوي من الاستمارة عند الإبلاغ عن عدد الأميال التي قطعتها سيارتهم في العام السابق.

إنّ هذا الطلب كان له تأثير أكبر على صدق الأشخاص فيما يخص عدد الأميال التي قطعتها السيارة بدلاً من تخفيض الرقم من أجل تخفيض أقساطهم.

إنّ تبنّي التنبيه يؤدي إلى تغيير أفضل في سلوك وتصرفات الأشخاص ولكن الأمثلة السابقة لا تعني سهولة تطبيق الاقتصاد السلوكي في الشركات حيث أن هناك الكثير من الطرق لاستخدامه بشكل خاطئ.

المصادر

هنا

وهنا 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top