ما الفرق بين الاقتصاد السلوكي والاقتصاد التقليدي ؟

ما الفرق بين الاقتصاد السلوكي والاقتصاد التقليدي ؟

قبل أن نتحدث عن الفرق بين الاقتصاد السلوكي والاقتصاد التقليدي يجب أن نتذكر بأن الاقتصاد التقليدي يتميّز بأنه اقتصاد قياسي بعيد عن العواطف ويتجاهل السلوك الذي يدرسه علماء النفس المعرفي والاجتماعي.

في هذا المقال سنجيب عن الأسئلة التالية:

  • كيف يختلف الاقتصاد السلوكي عن الاقتصاد التقليدي؟
  • ما هو التمويل السلوكي؟
  • كيف يدخل الاقتصاد السلوكي في عملية الادخار؟

الاقتصاد السلوكي والاقتصاد التقليدي

يضفي الاقتصاد التقليدي القياسي على السلوك البشري ثلاث سمات غير واقعيّة وهي العقلانيّة غير المحدودة وقوة الإرادة غير المحدودة والأنانيّة غير المحدودة، ويتجاهل الاقتصاد التقليدي القياسي اعتماد التجارب العمليّة كطريقة للاقتصاد.

انتقد هربرت سيمون فكرة أن الناس لديهم قدرات غير محدودة على معالجة المعلومات واقترح مصطلح “العقلانيّة المحدودة” وهو وصف أكثر واقعيّة لقدرة الإنسان.

ومن الأمثلة الأبرز عن الاقتصاد السلوكي: كره الخسارة والمحاسبة العقلية، حيث جرت دراسة في منتصف التسعينات في مدينة نيويورك استهدفت سائقي الأجرة حيث يدفع هؤلاء السائقون رسوماً ثابتة لاستئجار سيارات الأجرة الخاصة بهم لمدّة اثنتي عشرة ساعة في اليوم ومن ثم الاحتفاظ بجميع إيراداتهم، وتتوقف عليهم مدّة القيادة في كلّ يوم، وكان سائقي سيارات الأجرة قد حدّدوا مستوى ربح محدّد لكلّ يوم وكلّ نقص عن هذا المستوى فهو خسارة بالنسبة إليهم، وهذا ما يجعلهم يقلعون عن العمل مبكراً في الأيام الجيّدة ويعملون لساعات متأخرة في الأيام السيئة وذلك لتحقيق مستوى الربح المطلوب.

أما استراتيجيّة تعظيم الربح فتقول أنه من المنطقي العمل لساعات أطول في الأيام الجيّدة (الأيام الممطرة أو موسم السياحة في المدينة) والتوقّف مبكراً في الأيام السيئة.

ومن المبادئ الضعيفة للاقتصاد القياسي هو افتراض الضبط الكامل للنفس، لأنّ البشر حتّى عندما يعلمون ما هو الأفضل بالنسبة إليهم فإنّهم يفتقدون إلى ضبط النفس، معظم الناس في مرحلة ما يأكلون ويشربون ويصرفون كثيراً، ويعملون ويدخرون قليلاً، ولكن على الرغم من أنهم يعانون من مشاكل ضبط النفس إلا أنهم مدركون لها نوعاً ما.

ويؤكد الاقتصاديون على المصلحة الذاتيّة باعتبارها الدافع الأساسي للناس وأن الناس أنانيون، على سبيل المثال لا يمكن للأفراد أن يساهموا في الصالح العام إذا لم تتحسن رفاهيتهم الخاصة، ولكن في الواقع فإنّ الناس يتصرفون بنكران للذات، على سبيل المثال وفي عام 1998 فإنّ 70.1% من جميع الأسر تبرعت ببعض المال للأعمال الخيريّة أيّ بمتوسط مبلغ 2.1% من دخل الأسرة، كما لوحظ السلوك غير الأناني في التجارب العمليّة الخاضعة للرقابة.

اقرأ أيضًا: أهمية الاقتصاد السلوكي للأفراد والمنظمات

التمويل السلوكي

هناك عاملان ساهما في نجاح التمويل السلوكي:

  • الاقتصاد المالي بشكل عام وفرضية السوق الفعّالة بشكل خاص حيث استطاعت توليد تنبؤات قابلة للاختبار فيما يخصّ الظواهر التي يمكن ملاحظتها.
  • توافر بيانات عالية الجودة وسهولة لاختبار هذه التنبؤات

تنصّ فرضية السوق الفعّالة على أن أسعار الأسهم صحيحة أيّ أن أسعار الأصول تعكس القيمة الحقيقيّة للأوراق الماليّة، ولا يمكن اختبار مبدأ فرضية السوق الفعّالة لأنّ القيم الحقيقيّة لا يمكن ملاحظتها إلا في حالات خاصة.

يتمّ تداول الصناديق المغلقة بخصومات كبيرة مقارنةً مع صافي الأصول، ومن منظور سلوكي فإنّ خصومات الصناديق المغلقة مرتبطة ببعضها البعض وتعكس شعور المستثمر الفردي، وقد تقلصت هذه الخصومات عندما كان أداء أسهم الشركات الصغيرة جيّداً وعندما كان هناك الكثير من الطرح العام الأولي (IPO)، وهذه النتائج قد تمّ التنبؤ بها من خلال نظرية التمويل السلوكي، أيّ السعر لا يساوي صافي قيمة الأصول.

وينصّ المبدأ الثاني لفرضية السوق الفعّالة بعدم القدرة على التنبؤ في سوق فعّال، أيّ لا يمكن التنبؤ بحركة أسعار الأسهم المستقبليّة بناءً على المعلومات المتاحة للجمهور.

كشفت دراسة قام بها ريتشارد ثالر وورنر د بوندت (1985) أن الأفراد يميلون إلى المبالغة في ردّ الفعل تجاه المعلومات الجديدة، حيث افترضوا أن الأسهم التي تعمل جيّداً على مدى طويل من السنوات ستحصل في النهاية على أسعار مرتفعة لأن الناس يبالغون في ردّ فعلهم فسيرفعون من سعرها، وبالمثل فإن الأسهم الضعيفة ستحصل على أسعار منخفضة للغاية في النهاية، وباستخدام البيانات الخاصة بالأسهم المتداولة في بورصة نيويورك وجدوا أن الأسهم التي كان أداؤها أسوأ على مدى خمس سنوات قد تفوّقت في السوق في السنوات الخمس التالية، وبيّنت دراسات المتابعة أن محفظة الخاسرين كان أقل خطورة من محفظة الفائزين.

وتوصلت الدراسات أيضاً إلى ردّ فعل معاكس وهو ردّ الفعل المنخفض بدلاً من ردّ الفعل المُبالغ فيه.

كيف يدخل الاقتصاد السلوكي في عملية الادخار:

أوضح كل من جيمس بانكس وريتشارد بلونديل وسارة تانر (1998) أنه مع تقاعد الأفراد وانخفاض دخلهم فإن الاستهلاك ينخفض بشكل حاد لأنهم لم يدخروا ما يكفي للتقاعد، ويُعزى السبب في هذا النقص في الادخار إلى الافتقار إلى ضبط النفس.

في معظم الشركات يتلقى الموظفون الجدد نموذجاً للانضمام إلى خطة الادخار ويكون الخيار الافتراضي هو عدم الانضمام، وقامت العديد من الشركات بتغيير مهم لتغيير الوضع الافتراضي حيث يتم تسجيل الموظفين في الخطة ما لم ينسحبوا منها، ونتج عن هذا التغيير زيادة كبيرة في معدلات الادخار.

وهكذا نجد أن الاقتصاد السلوكي يهتمّ بدراسة سلوك الأفراد في الحياة العملية من خلال تجارب تجعل الأفراد يقومون بسلوك واقعي بعيداً عن النظريات.

المصادر:

هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top