5 من مبادئ الاقتصاد السلوكي لا يمكن للمسوقين تجاهلها

إنّ مفتاح تطوير القيمة المقترحة أو ميزات المنتج لاختبارها في السوق هو فهم نفسية المستهلك واللاعقلانية في عملية اتخاذ القرار. 

فيما يلي مناقشة لمبادئ الاقتصاد السلوكي الأساسية الخمسة (من أصل عشرة) والتي يجب على المسوقين استيعابها وليس فهمها فقط. 

إذا كنت تتطلع للاستفادة من التحليلات لتحقيق قرار تسويقي أفضل فنحن نوصي بتقييم استعدادك في التحليلات لمعرفة مدى قدرتك لتطبيق ما تتعلمه هنا على مشروعاتك اليوميّة. 

إذا كان التأثير على البيانات هو ما تفضّل فراجع كتاب “وراء كل قرار جيّد Behind Every Good Decision” وهو دليل تفصيلي حول كيفيّة استخدام “أيّ شخص” لتحليلات الأعمال لتحويل البيانات إلى رؤى مربحة.

اقرأ أيضاً: التسويق والاقتصاد السلوكي: ماذا يمكن أن يتعلم المسوقون من علماء السلوك

1- قوة المجانية Power Of Free 

هل يمكن أن يؤدي خفض سعر سلعتين بنفس المقدار بالضبط إلى عكس تفضيل المستهلك لإحداهما على الأخرى؟ إن جواب الاقتصاد التقليدي هو كلا، ولكن في الواقع فإنّ ذلك ممكن.

عرضت مجموعة من الباحثين على المشاركين في الدراسة الاختيار بين شراء شوكولا Hershey’s Kisses بسعر واحد سنت (0.01 دولار) أو شراء شوكولا الكمأة Lindt Lindor بسعر 15 سنت (0.15 دولار). 

إنّ المشاركين الذين أدركوا أن هذه صفقة جيّدة لأنّ فرق السعر في السوبر الماركت سيكون أكثر من 14 سنت بين الخيارين فقد اختاروا الخيار الثاني. 

مع ذلك، عندما تمّ تخفيض السعر لكلّا من السلعتين بمقدار 1 سنت مما جعل Kisses مجانيّة بينما أصبحت Lindt Lindor بسعر 0.14 دولار فقد انعكست تفضيلات المستهلكين تماماً واختاروا Kisses.

ماذا حدث هنا؟ 

لم يتغيّر شيء، سيبقى المستهلكون يحصلون على نفس المقدار من السعادة المتزايدة (استهلاك شوكولا الكمأة الغريبة مقابل الحلوى العادية) بنفس المقدار من الألم المتزايد (إنفاق 0.14 دولار). 

التفضيلات لا يجب أن تتغيّر ولكن لماذا تغيّرت؟ 

حسناً، تصبح استجابتنا لتخفيض الأسعار غير خطية عندما يصل السعر إلى المجاني. 

نحن فقط نحب سماع كلمة “مجاني”، إنّها تثير المشاعر الإيجابيّة في الدماغ بشكل غير معقول. 

إذ أن مجرد رؤية كلمة “مجاني” فإنّ ذلك يؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من الدوبامين في دماغنا لتجعلنا نشعر بالسعادة وينتهي بنا الأمر للاستجابة بشكل غير منطقي.

كيف يحدث ذلك في الحياة الواقعيّة؟ 

إنّ العروض المجانيّة تغمرنا كل يوم ونحن نعتقد أن ذلك لا يؤثر بنا. 

لكن ضع في اعتبارك صفقتين متطابقتين اقتصادياً، الأولى رسالة “اشترِ واحدة واحصل على الثانية مجاناً”، والثانية رسالة تحتوي خصم كبير “احصل على 50% خصم عند شرائك قطعتين”، أيّ واحدة من الرسالتين من المرجح أن تتجاوب معها؟

2- البدائل المهيمنة Dominated Alternatives 

هل يمكن أن يؤدي تقديم خيار مخادع ثالث إلى زيادة احتمال اختيار الخيار، أريدك سراً أن تختار؟

تأمل هذا السيناريو بالنسبة لمجلة الايكونوميست Economist، تمّ منح المستهلكون المحتملون عرضين للاشتراك كما هو موضح أدناه وبشكل أساسي اشتراك “عبر الانترنت” بسعر 56 دولار واشتراك “عبر الانترنت + مطبوع” بسعر 125 دولار.

اختار الغالبيّة العظمى من الناس الخيار الأول (56 دولار) على الرغم من أن الخيار الثاني (125 دولار) كان مفضلاً للناشرين. 

ثم قدّموا خياراً ثالثاً للخداع، وكانوا يعرفون أن لا أحد سيفضّل 125 دولار للنسخة المطبوعة فقط. 

كما هو متوقّع لم يختر أحد الخيار الثالث، لكن حدث شيء سحري إذ أن الغالبيّة العظمى اختارت الخيار الثاني (125 دولار للانترنت والطباعة)! 

إنّ مجرد إدخال الخيار الثالث جعل الخيار الثاني أكثر جاذبيّة إذ ستحصل على اشتراك عبر الانترنت مجاناً الآن!

ماذا حدث هنا؟ 

حسناً، يعود هذا إلى فكرة أن المستهلكين لديهم فهم ضعيف لما تستحقه السلعة. 

وليس لديهم فكرة عن قيمة اشتراك الطباعة والانترنت في مجلة الايكونوميست من حيث الدولار. 

إنّ السيناريو الأول مع الخيارين لم يكن لديهم ما يقارنون بهما، ولكن مع إدخال الخيار الثالث فإنّ الخيار الثاني والثالث متشابهين، والخيار الثاني يفوز (أنت تحصل على نسخة عبر الانترنت بشكل مجاني بعد كلّ شيء)، والخيار الأول ليس له شبيه لذلك تمّ استبعاده.

تمّ توضيح هذا المبدأ بنجاح في العديد من السيناريوهات المختلفة. 

الأكثر غرابة بالنسبة لي هو المواعدة، عُرض على المشاركين في هذه الدراسة صور لثلاثة أفراد من الجنس الآخر وسُئلوا عن مَنْ يفضلون للخروج معه في موعد. 

كان هناك شخصان فقط في الصور حيث أن الصورة الثالثة كانت معدّلة رقمياً لتشبه أحد الصور ولكن بشكل أقل منه. 

لذا فكّر في الأمر على أنه “أ” و “ب”، ولنقل أن “بَ” المعدّلة كانت تشبه “ب” ولكن بشكل أدنى، والأغلبيّة اختارت “ب” في هذا السيناريو. 

الفكرة هي نفسها حيث لا يمكن مقارنتها بـ “أ” لذلك تمّ استبعاد “أ”، إنّ “ب” و”بَ” كانوا متشابهين أما “ب” فكان أكثر جاذبيّة، لذلك يفوز “ب” بالغالبيّة العظمى.

في المرّة القادمة التي تقوم فيها بتقييم العطلات أو شراء منزل، انتبه إلى كيفيّة وضع الخيارات المختلفة. 

إذ اكتشف المحترفون هذه الأشياء من خلال التجربة حتّى لو لم يعبروا عنها بهذه الطريقة.

3- التقييم غير العقلاني للقيمة Irrational Value Assessment 

هل من الممكن أن تعجب بزجاجة نبيذ بسعر 5 دولارات، إذا كذبت عليك وقلت لك أنها تكلف 45 دولاراً؟ 

تقول الأبحاث أنك ستفعل ذلك. 

تمّت دعوة أعضاء نادي ستانفورد للنبيذ لتذوّق 5 زجاجات من النبيذ وتقييمها حسب رغبتهم. 

في الواقع كان هناك 3 أنواع مختلفة من النبيذ فقط في تلك الزجاجات، وكان لكلّ منهما زجاجتان، وتمّ تمييز كل زجاجة بالسعر فقط، وتمّ تمييز بعض أنواع النبيذ نفسها ولكن بأسعار مختلفة بشكل كبير. 

على سبيل المثال، النبيذ الذي قيمته 5 دولارات هو نفسه النبيذ الذي قيمته 45 دولاراً، والتكلفة الحقيقيّة هي 5 دولارات. 

كان هناك ارتباط واضح بين تصنيف النبيذ والسعر، والنبيذ الأعلى تكلفةً حصل على أعلى تقييم. 

لذلك حصلت زجاجة النبيذ ذات التكلفة 45 دولار على تقييم أعلى بكثير من تلك الزجاجة ذات الـ 5 دولارات على الرغم من أنها نفس النبيذ تماماً.

في تجربة أخرى، طُلِب من نفس المجموعة تقييم نفس النبيذ ولكن في هذه المرّة لم يكن السعر الخاص بكلّ نبيذ موجود. 

حصل النبيذ الأرخص على التقييم الأعلى في هذه الحالة!

الآن وقبل أن نبدأ بالاتصال بخبراء النبيذ، فكّر في هذا، تمّ اختبار دواء البروزاك Prozac مقابل دواء وهمي. 

وقد تمّ بيع الدواء الوهمي بسعر أعلى (2.50 دولار لكل حبّة) من البروزاك (2 دولار لكل حبّة) حيث تفوّق الدواء الوهمي على البروزاك!

في تجربة أخرى، تمّ إعطاء الطلاب مشروباً غنياً بالكافيين والسكر كان من المفترض أن يحسّن انتباههم وتركيزهم على المدى القصير. 

كانت مهمتهم حلّ أكبر عدد من الألغاز، وطُلِب من نصف المجموعة دفع كامل سعر المشروب، أما النصف الآخر فقد تمّ منحهم خصم كبير على السعر. 

الطلاب الذين حصلوا على الخصم قد حلّوا نسبة 30% أقل من الألغاز، وكانت هذه النتيجة ثابتة في العديد من الدراسات بمرور الوقت.

إذاً ما الذي يجري هنا؟ 

حسناً، اتّضح أننا بطبيعتنا نتوقع أن تكون الأشياء الأرخص سعراً هي أقل شأناً. 

هذا الشعور عميق جداً، وتأثيره عميق جداً على أدمغتنا. 

إذ تكون الأشياء الأرخص ذات أداء رديء، وتصبح كتخمين يحقق ذاته. 

لذا لم يكن أعضاء نادي ستانفورد للنبيذ متكبرين عندما قيّموا النبيذ الأعلى تكلفةً ظاهرياً على أنه النبيذ ذو المذاق الأفضل، هم حقاً استمتعوا بالنبيذ ذو السعر الأعلى. 

تمّ إثبات ذلك من خلال النشاط المتزايد في قشرة الدماغ قبل الجبهيّة، عندما أجريت نفس التجربة باستخدام جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي. 

توّقع مستهلكو البروزاك في أعماقهم أنه سيكون ذو أداء ضعيف أمام ذلك الدواء الوهمي الأكثر تكلفة منه.

كان هذا التوقّع والقناعة قويين لدرجة أنهما خلقا أداءً ضعيفاً في الجسم.

4- شلل القرار Decision Paralysis

هل يمكن التقليل من الخيارات المتاحة للمستهلكين أن يؤدي إلى زيادة المبيعات؟ اتّضح أنه يمكن ذلك!

أقام الباحثون في سوبر ماركت في دراسة لإثبات هذه النقطة مع عرض المربى. 

توقعوا أن بعض المستخدمين سيتوقفون عندهم والقليل منهم سيتذوّق ومع ذلك فإنّ العدد الأقل سيشتري. 

كانت مجموعة من الباحثين تعرض 6 أنواع مختلفة من المربى، والمجموعة الأخرى تعرض 24 نوعاً. 

توقف العدد الأكبر من الناس عند المجموعة التي تعرض 24 نوعاً إلا أنّ عدد المبيعات كانت أقل بـ عشر مرات من المجموعة التي كانت تعرض 6 أنواع (3% بالمقابل 30%).

ما الذي يحدث هنا؟ 

نحن نعتقد أن الخيارات الأكثر هي ما يريده المستهلك. 

تبيّن وعند مواجهة العديد من الخيارات فنحن غير قادرين على تقييمهم جميعاً، وفي النهاية نقرر عدم شراء أيّ منهم. 

قد تمّ إثبات ذلك في العديد من الحالات المختلفة، في شركة لديها برنامج ادّخار تطوعي، انخفضت المشاركة في هذا البرنامج بنسبة 2% لكلّ 10 صناديق استثمار تُضاف إليها.

في قلب هذه النتيجة، هو عدم قدرتنا على معالجة الكثير من المعلومات، وهذا ما يُعرف بمفهوم الحمل الإدراكي، والذي يحتوي بالمناسبة على العدد السحري 7 (+/- 2). 

ضع في اعتبارك الدراسة إذ تمّ إخبار المشاركين (بشكل خاطئ) بأنهم سيشاركون في دراسة حول الذاكرة طويلة المدى. 

طُلِب منهم حفظ الأرقام، والسير في الردهة، والانتظار لبعض الوقت، وتكرار الرقم من الذاكرة إلى باحث مختلف في غرفة مختلفة. 

أُعطيت نصف المجموعة عدد مكوّن من رقمين وأعطيت المجموعة الأخرى عدداً مكوّناً من 7 أرقام. 

لكن بينما المشاركين يسيرون في الردهة كان لديهم الخيار بين كعكة الشوكولا أو كوب من الفاكهة الطازجة. 

كان هذا هو الاختبار الحقيقي أيّ ممارسة ضبط النفس عندما يكون العقل مشغولاً. 

وجدت الدراسة أن غالبية المشاركين في المجموعة المكوّنة من 7 أرقام اختاروا كعكة الشوكولا بينما الغالبية في المجموعة المكونة من رقمين اختاروا الفاكهة.

ما الذي يحدث هنا؟ 

تبيّن أن الجزء من الدماغ الذي ينشغل بحفظ معلومات غير منطقيّة وغير مرتبطة مثل الأرقام العشوائيّة هو نفس الجزء (القشرة الجبهيّة) المسؤول عن ممارسة ضبط النفس. 

إنّ تذكّر 7 أرقام هي مهمة صعبة وتقترب من الحدّ المعرفي لدينا. 

إذ ينشغل الدماغ بمحاولة تذكّر هذه الأرقام لدرجة أنه لا يمتلك “عرض النطاق” لممارسة ضبط النفس.

5- السمة التمهيدية Attribute Priming

هل مجرد التحدّث إلى العملاء حول سمة معيّنة للمنتج سيجعلهم يرغبون في هذه السمة أكثر؟ 

يقول البحث: نعم!

انظر الدراسة التالية، اتّصل الباحثون بالعملاء الذي يخططون لشراء أجهزة كومبيوتر محمولة من متجر الإلكترونيات. 

تمّ سؤال نصفهم عن سعة الذاكرة التي يريدونها، أما القسم الآخر فقد سئلوا عن سرعة المعالج التي يريدون. 

كما تبيّن أن المجموعة التي سُئلت عن سعة الذاكرة انتهى بهم الأمر إلى شراء جهاز كومبيوتر بذاكرة عالية السعة، والمجموعة الأخرى أيضاً انتهى بهم الأمر إلى شراء جهاز كومبيوتر ذات معالج سريع. 

فمجرد جعلهم يفكرون في سمات معيّنة في المنتج أثّر على قرارهم لصالح هذه السمة.

في دراسة مختلفة عندما كان الناس في طابور لشراء اللبن أو الفواكه، تمّ سؤال نصفهم عن شعورهم تجاه اللبن والنصف الآخر سئلوا عن شعورهم تجاه الفاكهة. 

تبيّن لاحقاً أن مجرد الحديث معهم بهذه الطريقة جعلتهم ينحازون في قراراهم بشكل كبير عمّا سيأكلون.

في النهاية، إنّ تطبيق مبادئ الاقتصاد السلوكي هذه في الاستراتيجيات التسويقية سيؤدي إلى معدلات تحويل عالية.

المصدر

هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top